فلسطين أون لاين

تحليل قصف الدَّوحة اعتداءً على السِّيادة القطريَّة والعمليَّة التَّفاوضيَّة بشأن غزَّة

...
تحليل: قصف الدَّوحة اعتداءً على السِّيادة القطريَّة والعمليَّة التَّفاوضيَّة بشأن غزَّة
غزة/ عبد الله التركماني:

يمثل القصف الإسرائيلي الذي استهدف الوفد الفلسطيني المفاوض في العاصمة القطرية الدوحة تطورا خطيرا يتجاوز حدود الحرب على غزة، ليصيب مباشرة مسار المفاوضات والوساطة الدولية الرامية إلى وقف إطلاق النار.

توقيت الهجوم، الذي جاء بينما كان الوفد المفاوض يبحث المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، يكشف عن نية إسرائيلية واضحة لتقويض أي مسار سياسي قد يخفف من حدة العدوان، وإرسال رسائل بأن الوسطاء أنفسهم ليسوا بمنأى عن الاستهداف، وفق محللين سياسيين.

وعد المحللان السياسيان أن الاعتداء لا يقتصر على حركة المقاومة الإسلامية حماس وحدها، بل يشكل انتهاكا صارخا لسيادة دولة عربية ودليلا على نزعة إسرائيلية لنسف الجهود الدبلوماسية، وهو ما يهدد بإطالة أمد الحرب وتعقيد فرص الوصول إلى تهدئة، مع مخاطر حقيقية بانزلاق المنطقة إلى تصعيد أوسع.

وأعلنت حركة حماس الثلاثاء، أن وفدها المفاوض نجا من محاولة اغتيال إسرائيلية استهدفته في العاصمة القطرية الدوحة، لكن الهجوم خلّف عددا من الشهداء من بينهم نجل القيادي خليل الحية ومدير مكتبه وعنصر بقوة الأمن الداخلي القطري.

واعتبر المحلل السياسي أحمد رفيق عوض القصف الإسرائيلي الذي استهدف قيادات حركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة "يشكّل تطورا خطيرا يتجاوز حدود الحرب على غزة ليضرب في عمق الجهود الدولية والإقليمية لوقف إطلاق النار".

وأوضح عوض لصحيفة "فلسطين" أن "هذا الهجوم لم يكن عملية عسكرية عادية، بل رسالة سياسية مركبة. فالتوقيت جاء بينما كانت قيادات حماس تبحث المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار، ما يعني أن (إسرائيل) أرادت تعطيل أي مسار سياسي قد يخفف من حدة الحرب أو يفتح أفقًا لحل تفاوضي".

وأضاف: "(إسرائيل) تقول بوضوح إنها لا تريد وقفًا للنار في هذه المرحلة، بل تريد استمرار الحرب حتى النهاية التي تراها مناسبة لها. لهذا اختارت أن توجه ضربة في قلب دولة وسيطة، في سابقة تنطوي على استهتار صارخ بالشرعية الدولية وبقواعد العمل الدبلوماسي".

وأشار عوض إلى أن "استهداف قطر، وهي الدولة الأكثر فاعلية في الوساطة بين المقاومة و(إسرائيل)، يوجه ضربة مباشرة لأي جهد دولي للتسوية. هذه ليست ضربة لحماس وحدها، بل إهانة للوسيط وإحراج له أمام العالم، ومحاولة لشل دوره أو دفعه للانسحاب".

وأكد أن "(إسرائيل) تعرف أن مباحثات وفد حماس كانت جادة للتوصل إلى وقفا لإطلاق النار، وهي (إسرائيل) تخشى أن يؤدي ذلك إلى تثبيت فشلها العسكري والسياسي في غزة. لذلك تلجأ إلى تصعيد إقليمي يوسع دائرة النار ويضعف الثقة بالمسار التفاوضي".

ورأى عوض أن "ما جرى سيترك انعكاسات مباشرة على غزة. فمن جهة سيعزز قناعة المقاومة بأن (إسرائيل) لا تريد سوى الاستسلام الكامل، ومن جهة أخرى سيزيد من عزلة (إسرائيل) الدولية، إذ أن استهداف وسيط معترف به دوليا يعد تعديا على قواعد اللعبة الدبلوماسية".

وختم بالقول: "هذه الضربة خطيرة لأنها لا تستهدف أشخاصا فقط، بل تستهدف فكرة الحل السياسي برمتها. إذا انسحبت قطر أو قلّصت دورها نتيجة الضغوط والتهديدات، فإن المفاوضات ستنهار تماما، وسيُترك الميدان مفتوحا لمزيد من الدماء والدمار. هذا ما تريده (إسرائيل)، لكن هذه المقامرة ستنقلب عليها لأنها ستدفع المنطقة كلها إلى حافة انفجار أوسع".

رسائل خطيرة

من جهته، قال المحلل السياسي طلال عوكل إن القصف الإسرائيلي الذي استهدف الوفد المفاوض في الدوحة، في لحظة كان يناقش فيها المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار، يحمل "رسائل خطيرة تتجاوز غزة والوساطة القطرية لتصيب النظام الإقليمي والدولي بأكمله".

وأوضح عوكل لصحيفة "فلسطين" أن "توقيت الهجوم لم يكن صدفة، فـ(إسرائيل) أرادت أن تقول إنها لا تعترف بأي مسار تفاوضي يمكن أن يخفف من حدة العدوان على الشعب الفلسطيني، وأنها قادرة على الوصول إلى خصومها أينما كانوا، حتى لو كانوا يجلسون على طاولة تبحث وقف النار".

وأضاف أن "استهداف دولة مثل قطر، التي تقوم بدور الوسيط منذ سنوات طويلة، يكشف نزعة إسرائيلية لتخريب أي جهد دولي أو إقليمي لوقف المجزرة الجارية في غزة. هذا اعتداء ليس فقط على حماس، بل على سيادة دولة عربية وعلى الدبلوماسية كأداة لحل النزاعات".

وتابع: "(إسرائيل) أرادت أن تبعث برسالة للوسطاء: أنتم لستم محصنين من نيراننا، وأن أي طرف يقترب من صياغة حلول سياسية قد يصبح هدفا. هذا يعقّد مهمة الوسطاء ويزرع الخوف في أدوارهم، وهو ما قد يطيل أمد الحرب ويضاعف معاناة المدنيين".

ورأى عوكل أن "الحدث يعكس مأزقا إسرائيليا، إذ لم تحقق الحرب أهدافها على الأرض في غزة، فلجأت إلى تصعيد خارجي لتقول للعالم إنها ما زالت تملك زمام المبادرة. لكن في الحقيقة، هذه الضربة ستؤدي إلى نتائج عكسية، إذ إنها ستزيد الالتفاف الشعبي حول المقاومة، وستعزز من قناعة الفلسطينيين أن لا سبيل سوى الصمود والمواجهة".

وختم بالقول: "هذه الجريمة يجب أن تُقرأ كإعلان حرب على المسار السياسي نفسه. فإذا لم يتحرك المجتمع الدولي بجدية لوقف العدوان وفتح الممرات الإنسانية، فإن المنطقة بأكملها مقبلة على تصعيد خطير لا تُعرف حدوده".

 

 

المصدر / فلسطين أون لاين